اين تنام العصافير

أين تنام العصافير؟


سألني الطفل الصغير: أين تذهب العصافير؟

أجبته: على غصون الشجر..!

استنكر واحتار وقال في ضجر: الآن في هذا الجو الخطير

في هذا البرد.. وهذه الرياح.. ألا يبللها المطر؟!

أجبته في حذر: تختبئ في البيوت المهجورة بين الحجارة تحت الصخور.تسافر إلى مناطق أكثر دفئا

عاد مستفسرا: وكيف تنام ؟ هل تستطيع النوم؟

بحثت له في الانترنت أين تنام العصافير، فتوقفت عند صورة طبيعية رائعة( لوحة )أبدعها الخالق تضم مجموعة عصافير ملونة نائمة..أغمضت عيونها والتصقت بجانب بعضها البعض بشكل مرصوص على فرع شجرة خريفية جرداء، غافية بدفء واطمئنان،بعضها قد فغر فاه واعوج منقاره من شدة الاسترخاء والاستغراق بالنوم بشكل أخاذ..!.

احتفظت بالصورة على شاشة الكمبيوتر وجلست أتأملها معه مستمتعة أستمع لأسئلته التي تزداد..!

◇ ◇ ◇

نغفل أحيانا عن مثل هذه الأمور التي يتفرغ لها خيال الأطفال الصافي. فخيالنا مرهق ببرامج و بأمور مشحونة بالقلق نلهو بها وتلهو بنا،تبعدنا عن أشياء جميلة حولنا نسيناها، لا وقت لدينا للتفكير بها.

عندما يسألنا الأطفال الصغار أسئلتهم الكثيرة يهملها البعض منا مع أنها أسئلة ذكية نكتشف من خلالها قدراتهم فتنبهنا كم نحن بحاجة لدراية وحكمة وحذر وكم هم بحاجة لاهتمام ولآذان صاغية..!

يسألونك أين الله؟ ومن أين جاء هو والأخ الأصغر؟ وهل كان الأخ الأكبر الشاب أيضا في بطن أمه ؟! واشرح لهم ما استطعت..ان استطعت.!

في تركيا قام بعض الشبان من المهندسين والمهتمين بالبيئة بتخصيص منطقة شاسعة فيها بنايات خاصة على طراز قديم (إسكان) وسيقومون بزراعة الأشجار الكثيفة، لتكون مأوى للطيور الجميلة التي حرمها زحف العمران والبنايات الشاهقة من حريتها و حقها في الطيران و المبيت على غصون الشجر.

يبقى سؤال يراودني بألم: كيف ينام أطفال غزة؟أين تطير هذه (العصافير بأجنحتها المتكسرة ) لتهرب من البرد والجحيم؟!

راق لي