من منا لا يتمنى أن يعمل شيئاً يذهب سيئات عام كامل من عمره، إنها فرصتنا وقد اقتربت إذ أن يوم الجمعة القادم يوافق 10 محرم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عاشوراء يوم من أيام الله فمن شاء صامه ومن شاء تركه.
فضله.. صيام عاشوراء يكفر السنة التي قبله.
عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عاشوراء، فقال: إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله . رواه مسلم
و يستحب صيامه إقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام، فهذا اليوم صامه النبي صلى الله عليه وسلم، وصامه الصحابة وصامه موسى عليه السلام قبل ذلك شكرا، وله فضل عظيم وحرمة قديمة.
وقد فضل الله علينا أن أعطانا بصيام يوم واحد تكفير ذنوب سنة كاملة - والله ذو الفضل العظيم { إن الحسنات يذهبن السيئات }
وأخرج مسلم عن أبي قتادة رجل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال كيف تصوم فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأى عمر رضي الله عنه غضبه قال رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله فجعل عمر رضي الله عنه يردد هذا الكلام حتى سكن غضبه فقال عمر يا رسول الله كيف بمن يصوم الدهر كله قال لا صام ولا أفطر أو قال لم يصم ولم يفطر قال كيف من يصوم يومين ويفطر يوما قال ويطيق ذلك أحد قال كيف من يصوم يوما ويفطر يوما قال ذاك صوم داود عليه السلام قال كيف من يصوم يوما ويفطر يومين قال وددت أني طوقت ذلك ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث من كل شهر ورمضان إلى رمضان فهذا صيام الدهر كله صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله .
والترمذي وقال : (لا نعلم في شيء من الروايات أنه قال صيام يوم عاشوراء كفارة سنة إلا في حديث أبي قتادة وبحديث أبي قتادة يقول أحمد وإسحق) .وقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ مَرْفُوعًا " إِنَّ صَوْمَ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ سَنَةً وَإِنَّ صِيَامَ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ " وَظَاهِرٌ أَنَّ صِيَامَ عَرَفَةَ أَفْضَلُ مِنْ صِيَامِ عَاشُورَاءَ، وَقَدْ قِيلَ فِي الْحِكْمَةِ في ذَلِكَ أَنَّ يَوْمَ عَاشُورَاءَ مَنْسُوبَةٌ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَيَوْمَ عَرَفَةَ مَنْسُوبٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلِذَلِكَ كَانَ أَفْضَلَ اِنْتَهَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
مراتب صيام يوم عاشوراء
أكملها: أن يُصام قبله يوم وبعده يوم.
ويلي ذلك: أن يصام التاسع والعاشر.
ويلي ذلك: إفراد العاشر وحده بالصوم.
و يصام التاسع والعاشر مخالفة لليهود، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال : حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع قال فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعند الترمذي: عن ابن عباس قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصوم عاشوراء يوم العاشر قال أبو عيسى حديث ابن عباس حديث حسن صحيح
وقال المباركفوري : (ضعيف لأنه منقطع لم يسمع الحسن من ابن عباس ).
وقال الترمذي : (اختلف أهل العلم في يوم عاشوراء فقال بعضهم يوم التاسع و قال بعضهم يوم العاشر وروي عن ابن عباس أنه قال صوموا التاسع والعاشر وخالفوا اليهود وبهذا الحديث يقول الشافعي وأحمد وإسحق ) .
وعند ابن ماجة :عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن بقيت إلى قابل لأصومن اليوم التاسع قال أبو علي رواه أحمد بن يونس عن ابن أبي ذئب زاد فيه مخافة أن يفوته عاشوراء .
قال النووي في شرحه على مسلم معلقا على حديث مسلم عن ابن عباس :
1- هَذَا تَصْرِيح مِنْ اِبْن عَبَّاس بِأَنَّ مَذْهَبَهُ، أَنَّ عَاشُورَاء هُوَ الْيَوْم التَّاسِع مِنْ الْمُحَرَّم، وَيَتَأَوَّلهُ عَلَى أَنَّهُ مَأْخُوذ مِنْ إِظْمَاء الْإِبِل، فَإِنَّ الْعَرَب تُسَمِّي الْيَوْم الْخَامِس مِنْ أَيَّام الْوِرْد رَبْعًا، وَكَذَا بَاقِي الْأَيَّام عَلَى هَذِهِ النِّسْبَة فَيَكُون التَّاسِعُ عَشْرًا .
2- وَذَهَبَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف: إِلَى أَنَّ عَاشُورَاء هُوَ الْيَوْم الْعَاشِر مِنْ الْمُحَرَّم، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ : سَعِيد بْن الْمُسَيِّب، وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ، وَمَالِك وَأَحْمَد وَإِسْحَاق، وَخَلَائِق، وَهَذَا ظَاهِر الْأَحَادِيث، وَمُقْتَضَى اللَّفْظ .
قال المباركفوري : (قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ : الْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ عَاشُورَاءَ هُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنْ شَهْرِ اللَّهِ الْمُحَرَّمِ وَهُوَ مُقْتَضَى الِاشْتِقَاقِ وَالتَّسْمِيَةِ , وَقِيلَ هُوَ الْيَوْمُ التَّاسِعُ ).
3- وأمَّا تَقْدِير أَخْذه مِنْ ( الْإِظْمَاء ) فَبَعِيدٌ ثُمَّ إِنَّ حَدِيث اِبْن عَبَّاس (الآخر) يَرُدّ عليه؛أنه قَالَ : إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُوم عَاشُورَاء فَذَكَرُوا أَنَّ الْيَهُود وَالنَّصَارَى تَصُومهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ فِي الْعَام الْمُقْبِل يَصُوم التَّاسِع، وَهَذَا تَصْرِيح بِأَنَّ الَّذِي كَانَ يَصُومهُ لَيْسَ هُوَ التَّاسِع، فَتَعَيَّنَ كَوْنه الْعَاشِر.
4- قَالَ الشَّافِعِيّ وَأَصْحَابه وَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَآخَرُونَ : يُسْتَحَبّ صوم التَّاسِع وَالْعَاشِر جَمِيعًا؛ لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَ الْعَاشِر، وَنَوَى صِيَام التَّاسِع، وَقَدْ سَبَقَ فِي صَحِيح مُسْلِم فِي كِتَاب الصَّلَاة مِنْ رِوَايَة أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَفْضَل الصِّيَام بَعْد رَمَضَان شَهْر اللَّه الْحَرَام ".
5- قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : وَلَعَلَّ السَّبَب فِي صَوْم التَّاسِع مَعَ الْعَاشِر :
1- أَلَّا يَتَشَبَّهَ بِالْيَهُودِ فِي إِفْرَاد الْعَاشِر . وَفِي الْحَدِيث إِشَارَة إِلَى هَذَا .
2-وَقِيلَ : لِلِاحْتِيَاطِ فِي تَحْصِيل عَاشُورَاء، وَالْأَوَّل أَوْلَى ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
إذاً مراتب صوم عاشوراء كما بين المباركفوري : قَالَ فِي اللُّمَعَاتِ: مَرَّاتُب صَوْمِ الْمُحَرَّمِ ثَلَاثَةٌ : الْأَفْضَلُ أَنْ يَصُومَ يَوْمَ الْعَاشِرِ وَيَوْمًا قَبْلَهُ وَيَوْمًا بَعْدَهُ، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَحْمَدَ . وَثَانِيهَا : أَنْ يَصُومَ التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ، وَثَالِثُهَا : أَنْ يَصُومَ الْعَاشِرَ فَقَطْ . وَقَدْ جَاءَ فِي التَّاسِعِ وَالْعَاشِرِ أَحَادِيثُ وَلِهَذَا لَمْ يَجْعَلُوا صَوْمَ الْعَاشِرِ وَالْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الْمَرَاتِبِ وَإِنْ كَانَ مُخَالَفَةُ الْيَهُودِ فِي هَذِهِ أَيْضًا , وَكَذَا لَا يُجْزِئُ التَّاسِعُ مِنْ السَّنَةِ اِنْتَهَى .
قلت :المرتبة الأولى حديثها عند أحمد عن ابن عباس مَرْفُوعًا : صُومُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَخَالِفُوا الْيَهُودَ وَصُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا وَبَعْدَهُ يَوْمًا . قَالَ الشَّوْكَانِيُّ : رِوَايَةُ أَحْمَدَ هَذِهِ ضَعِيفَةٌ مُنْكَرَةٌ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَوَاهَا عَنْهُ اِبْنُ أَبِي لَيْلَى، قَالَ : وَقَدْ أَخْرَجَهُ بِمِثْلِهِ الْبَيْهَقِيُّ وَذَكَرَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَسَكَتَ عَنْهُ اِنْتَهَى .
وفي تحفة الأحوذي :قَدْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ فِيمَا يُخَالِفُ فِيهِ أَهْلَ الْأَوْثَانِ، , فَلَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةَ وَاشْتُهِرَ أَمْرُ الْإِسْلَامِ أَحَبَّ مُخَالَفَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ أَيْضًا كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ، فَهَذَا مِنْ ذَلِكَ، فَوَافَقَهُمْ أَوَّلًا وَقَالَ : " نَحْنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ "، ثُمَّ أَحَبَّ مُخَالَفَتَهُمْ فَأَمَرَ بِأَنْ يُضَافَ إِلَيْهِ يَوْمٌ قَبْلَهُ وَيَوْمٌ بَعْدَهُ خِلَافًا لَهُمْ اِنْتَهَى .
قَالَ الْحَافِظُ : وَعَلَى هَذَا فَصِيَامُ عَاشُورَاءَ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ أَدْنَاهَا أَنْ يُصَامَ وَحْدَهُ وَفَوْقَهُ أَنْ يُصَامَ التَّاسِعُ مَعَهُ وَفَوْقَهُ أَنْ يُصَامَ التَّاسِعُ وَالْحَادِيَ عَشَرَ .قلت :تقدم الكلام على ضعف حديث المرتبة الأولى والله أعلم .
قال المباركفوري : صَوْمَ عَاشُورَاءَ كَانَ فَرْضًا ثُمَّ نُسِخَ وُجُوبُهُ بِوُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ . قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: يُؤْخَذُ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ كَانَ وَاجِبًا لِثُبُوتِ الْأَمْرِ بِصَوْمِهِ , ثُمَّ تَأَكَّدَ الْأَمْرُ بِذَلِكَ , ثُمَّ زِيَادَةُ التَّأْكِيدِ بِالنِّدَاءِ الْعَامِّ، ثُمَّ زِيَادَتُهُ بِأَمْرِ مَنْ أَكَلَ بِالْإِمْسَاكِ، ثُمَّ زِيَادَتُهُ بِأَمْرِ الْأُمَّهَاتِ أَنْ لَا يُرْضِعْنَ فِيهِ الْأَطْفَالَ، وَبِقَوْلِ اِبْنِ مَسْعُودٍ الثَّابِتِ فِي مُسْلِمٍ : لَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تُرِكَ عَاشُورَاءُ، مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ مَا تُرِكَ اِسْتِحْبَابُهُ بَلْ هُوَ بَاقٍ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَتْرُوكَ وُجُوبُهُ .وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ الْمَتْرُوكُ تَأَكُّدُ اِسْتِحْبَابِهِ وَالْبَاقِي مُطْلَقُ اِسْتِحْبَابِهِ، فَلَا يَخْفَى ضَعْفُهُ، بَلْ تَأَكُّدُ اِسْتِحْبَابِهِ بَاقٍ وَلَا سِيَّمَا مَعَ اِسْتِمْرَارِ الِاهْتِمَامِ بِهِ حَتَّى فِي عَامِ وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ يَقُولُ : " لَئِنْ عِشْتُ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ " ; وَلِتَرْغِيبِهِ فِي صَوْمِهِ،" وَأَنَّهُ يُكَفِّرُ سَنَةً، وَأَيُّ تَأْكِيدٍ أَبْلَغُ مِنْ هَذَا اِنْتَهَى .
وقد كان عليه الصلاة والسلام من اهتمامه به يتحراه وكان يتعهد الصحابة ويحثهم على صومه فلما فرض رمضان لم يأمر ولم ينهى، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء وهذا الشهر يعني شهر رمضان .
وعن عبيد الله بن أبي يزيد سمع ابن عباس رضي الله عنهما وسئل عن صيام يوم عاشوراء فقال ما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يوما يطلب فضله على الأيام إلا هذا اليوم ولا شهرا إلا هذا الشهر يعني رمضان.
و عن الحكم بن الأعرج قال انتهيت إلى ابن عباس رضي الله عنهما وهو متوسد رداءه في زمزم فقلت له أخبرني عن صوم عاشوراء فقال إذا رأيت هلال المحرم فاعدد وأصبح يوم التاسع صائما قلت هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه قال نعم .
كان الصحابة من حرصهم عليه يعودون الصبيان على صومه ويلهونهم باللعب بالعهن، فعن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة من كان أصبح صائما فليتم صومه ومن كان أصبح مفطرا فليتم بقية يومه فكنا بعد ذلك نصومه ونصوم صبياننا الصغار منهم إن شاء الله ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناها إياه عند الإفطار.
وبقي حكمه في الناس ليس بواجب أكد ذلك معاوية على المنبر ولم يعلم له معارض، فعن حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما يوم عاشوراء عام حج على المنبر يقول يا أهل المدينة أين علماؤكم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا يوم عاشوراء ولم يكتب الله عليكم صيامه وأنا صائم فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر.