كيف تكون إنساناً محبوباً ومؤثراً؟
كثيراً ما نسمع أو نقرأ أن فلاناً من الناس يتمتع بشخصية جذابة، وأنه ذو تأثير إيجابي في سلوك الناس وفي طرائق تفكيرهم، فيلقى الاحترام والقبول منهم، ويفسحون له صدور مجالسهم... يصغون إليه حين يتكلم، ويستأنسون برأيه إذا واجهتهم مشكلة،. فكيف السبيل لبلوغ هذه المنزلة المرموقة؟
بالحقيقة أن هذا الموضوع واسع ومتشعب يصعب الإحاطة به بمقال واحد ؛ فقد كُتبت فيه البحوث وأُلّفت الكتب ولم توفيه حقه من البحث والمناقشة، لكن بوجه عام يمكن الإشارة إلى أبرز المحاور التي يمكن أن تصلح لأن تكون أفكارا رئيسة لبلورة فكرته العامة، وذلك من منطلق أن خير الكلام ما قلّ ودلّ.
وبادئ ذي بدء لابد أن نتفق على أنً الشخصية هي، كما يرى العديد من علماء النفس «» مجموعة من السمات الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية التي تظهر علاقات الشخص بغيره من الناس فتميزه عنهم « والسمات المميزة للشخصية المحبوبة يمكن تربيتها بحيث يمكن وصف الفرد المحبوب بأنه :
أ- باسم الثغر قادر على توظيف الذكاء العاطفي بكفاءة عالية لاستمالة الآخرين, فينصتوا لما يقول بانتباه.
ب – قادر على توظيف الأدلة العلمية والوجدانية ليعزز ما يطرح من آراء و حقائق.
ج- قدوة للآخرين في مظهره وأقواله وأعماله .
وهذه الأهداف لا تتحقق إلا عبر حزمة من الإجراءات والمميزات من أبرزها كما يرى علماء النفس والاجتماع :
1-الثقافة الواسعة المنوعة ؛ بحيث يكون المرء قادراً على التفكير العلمي وعلى الإجابة الدقيقة المتوازنة عن كل سؤال يوجه إليه بطريقة علمية مسلسلة مدعومة بالحجج والبراهين التي تدحض الشبهات وتفند المفاهيم الخطأ.
2-الأسلوب الشيق المدعوم بالفطنة وبالمنطق، الهادئ المتزن المحرر من الهوى والتوتر والذي يناسب الجو العام للحوار.
ومن أبرز الأساليب التعبيرية والممارسات العملية التي تلقى القبول من الآخرين أثناء التحدث :
أ- الإثبات وتوضيح الأمر لمن يجهله, وهذا الأسلوب يتطلب فطنة ورجاحة عقل تساعد المتحدث على الإقناع.
ب- المقارنة بين الضدين؛ فيبدو الخطأ أكثر وضوحاً إذا ما قورن بغيره من الأعمال الصائبة , فتبدو للمستمع مضار الخطأ ومحاسن الصواب, فيقبل عليه ويختاره، فتسكن إليه نفسه.
ج-التركيز على جوهر الموضوع وتحاشي القضايا الهامشية التي تشتت انتباه المستمعين فينصرفوا عن المتحدث.
د-التلميح دون التصريح عند حصول الخطأ، وعدم التشهير بالمخطئ ولومه وتقريعه، وإنما تتم معالجة الخطأ بهدوء وفي منأى عن التجريح.
هـ- الرفق ورحابة الصدر والعفو عن المخطىء، وعدم الانفعال مهما تمادى الطرف الآخر في غضبه.
و-الجرأة الحكيمة الواعية والثبات الراسخ على الحق.
ز- تنويع الأساليب أثناء التحدث والمراوحة بين الخبر والإنشاء لتشويق السامع واجتذابه لمواصلة الإصغاء وتوظيف الأمثال والقصص في الحديث.
ط- البذل والعطاء؛ حيث إن النفوس قد جبلت على حب من أحسن إليها.
ومن صفات الشخص المحبوب كذلك :
التواضع وعدم التعالي على الآخرين.
اجتناب كثرة التبرم والشكوى وإظهار الضيق والحزن.
التفاؤل والثقة بالنفس وبالقدرة على تجاوز الصعاب وعدم الاستسلام لليأس.
حب الخير للآخرين والرغبة في تقديم يد العون إليهم.
محاولة فهم مشكلات الآخرين ومعاناتهم، ومشاركتهم في إيجاد حلول لها.
اجتناب الصفات المذمومة مثل ؛ الأنانية والمشاكسة والكذب والنفاق.
واستكمالا للموضوع فقد قمت بتوزيع إستبانة على عينة من طلبة المدارس الثانوية وسألتهم عن مواصفات المعلم المحبوب من وجهة نظرهم، فكانت إجاباتهم كالآتي :
يحافظ على هدوئه دائما ولا يثور لأتفه الأسباب.
يبتسم لي كلما رأني.
يخاطبني دائما بقوله : يا أخي أو يا صديقي.
يوجه إليّ النصح والإرشاد على انفراد.
يعدل في معاملتي ولا يحابي عليّ أحداً من زملائي.
يشعرني دائما بأنني إنسان ناجح.
يهتم بي ولا يتجاهلني.
يحترم رأيي ولا يسفه إجاباتي.
يثني على أعمالي ويبرز مواضع التميز فيها.
لا يقلل من شأني أمام الآخرين.
يهتم بمظهره.
ومن العوامل الأخرى التي تجعل الإنسان محبوباً في مجتمعه: الخلق الكريم، والعدل في المعاملة، والسخاء في العطاء، و الإصغاء للمتحدث، والصدق في الحديث، ومناداة الشخص المخاطب بأحب الأسماء إليه، واحترام العادات والتقاليد في المجتمع،ومشاركة الناس في أفراحهم وأتراحهم.
فإذا استطاع الواحد منا أن يتصف بهذه الصفات فلاشك أنه سيلقى القبول من الناس المتعاملين معه، وسيقبلون عليه، ولن يكون مرفوضاً من أحد يمكن أن يوصف بأنه سوي التفكير والسلوك.