بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، ثمّ أمـّا بعد ،
إخواني الأحبـّة نزولا عند رغبة بعض الإخوة أنقل لكم بعض ما قرأتـُه في منتديات ومواضيع عديدة عن الفرق بين الضّاد والظـّاء ، ولكن قبل أن أشرع بنقل ما قرأتُ ، أودّ أن يعلم الجميع أنّ العبد الفقير (( أخوكم محبّ رؤية الرحمن )) طويلب علم صغير فلا يغرّنـّكم ما تقرؤونه من مواضيع لي وتظنـّون أنـّي من المشايخ بل أنا أقل من ذلك بكثير ، ولكن لا أخفي عليكم أنّ ما تقرؤونه من مواضيع لي هو بمنّ وفضل من الله تعالى عليّ بأن أكرمني بحفظ كتابه ، فلقد كنتُ لا أحبّ اللغة العربية ولا القواعد وكانت درجاتي متدنـّية دائما في الدّراسة بالقواعد والإملاء ، ولكن بعد أن أكرمني الله تعالى بحفظ كتابه ، تغيـّرت أحوالي وتحسـّنت بفضل الله لغتي ، ولم أكتب ما كتبتُ(( وأسأله تعالى أن يجنـّبني النـّفاق والرّياء ، والحمد لله لستُ معلوما لكم )) من مقدّمة إلاّ لأحثـّكم على حفظ كتاب الله تعالى ، ففي حفظه والعمل به والتـّخلــّق بأخلاقه :
الفوز والنـّجاح في الدّنيا والآخرة ، والبركة، والعلم ، والرّفعة ، والتـّوفيق والسـّداد ، ، فلذا كتبتُ مقدّمتي هذا راجيا أن ينفع الله تعالى بما أقول .
فيا أحبابي احرصوا على حفظ كتاب الله تعالى والعمل به والتـّخلـّق بأخلاقه نفز بإذنه تعالى فوزا عظيما في الدّنيا والآخرة ، ويكفي شرفا لحفظة القرآن والعاملين به قول الرّسول صلـّى الله عليه وسلـّم :
((يقال لصاحب القرآن : اقرأ و ارتق و رتـّل كما كنت ترتـّل في الدّنيا ، فإنّ منزلتك
عند آخر آية ( كنت ) تقرأ بها "))
((وعن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلـّى الله عليه وسلـّم إنّ لله أهلين من النــّاس
قالوا من هم يا رسول الله قال أهل القرآن هم أهلّ الله وخاصـّته)) صحـّحهما الألباني رحمه الله تعالى .
فمن أراد أن يكون من أهل هذين الحديثين فليبادر إلى حفظ كتابه تعالى .
ثمّ من فوائد حفظ القرآن في الدّنيا هو تقويم اللسان والنـّطق السـّليم ، وهذا ما أريده من موضوعي هذا (( بعد أن نفوز بالفردوس الأعلى إن شاء الله تعالى))ولقد جمعتُ في هذا الموضوع عدة فوائد من منتديات عديدة ، وأعلـّق بإذنه تعالى قليلا باللون الأخضر :
الفرق بين الضـّاد والضـّاء
إن مشكلة صعوبة التـّفريق بين الضـّاد والظـّاء قديمة وليست حديثة . ولعلّ أوّل من أشار إليها الحريري صاحب المقامات الذي ألَّف منظومة شعرية للتــّفريق بين هذين الحرفين وهناك عدة كتب وتصانيف قديمة حول الموضوع
وللتمييز بين الحرفين لا بد من معرفة مخرج كلّ حرف وصفته
فالضـّاد تخرج من إحدى حافتي اللسان مع أطراف الثـّنايا العليا وخروجها مع الجهة
اليسرى أسهل وأكثر استعمالاً ومن اليمنى أصعب وأقل استعمالاً ومن الجانبين
معاً أعزّ وأعسر، (( أي أصعب)) فهو أصعب الحروف وأشدُّها على اللسان, ولا يوجد في لغة غير العربية ولذلك تسمى لغة الضـّاد.
أمّا الظـّاء فتخرج من ظهر طرف اللسان مع أصول الثــّنايا العليا.
فعلى القارئ الكريم أن يبذل جهداً في إخراج هذا الحرف والنـّطق به نطقاً صحيحاً
ما استطاع إلى ذلك سبيلاً,وأن يتلقى النـّطق به مشافهة ممن يُحسن النـّطق به (( وهنا بيت القصيد إخواني الأحبـّة فنلتعلم نطق حرف الضـّاد بشكل خاص لا بدّ من التـّلقـّي مشافهة عن المتقنين، وخصوصا من أكرمه الله تعالى وأخذ سندا إلى النـّبي صلـّى الله عليه وسلـّم ))
فكثير من النـّاس لا يستطيعون التــّفريق بين حرفي الضـّاد والظـّاء...
ويلاحظ هذا الاختلاط بكثرة عند دول الخليج أكثر من بقية الدّول.. وهناك أيضا في جميع الدّول هذا الخطأ..
والسّبب في ذلك هو اختلاط اللهجة العامـّية على اللغة العربية..
وهناك سبب آخر وهو قرب المخارج من بعضها البعض.. واشتراكهم في جميع الصّفات..
فلذا من المهمّ جدا تلقـّي النـّطق بهما وبغيرهما من المتقنين كما ذكرتُ آنفا
طبعا هناك فرق بين حرف الظـّاء والضــّاد.. من حيث المعنى أيضا..
وكأمثلة بسيطة :
ظلّ أي بقي هنا
ضلّ:أي ضاع..
فنقول: ظلّ بالمسجد بعد الصـّلاة لمدّة ربع ساعة..
ونقول: ضلّ أحمد الطـّريق.. أثناء ذهابه للمدرسة..
ونقول أيضا: أسأل الله تعالى أن يظلــّنا بظله يوم لا ظلّ إلا ظلــّه.. ومن الخطأ أن نقول يضلـّنا.. فإنّا نسأل الله تعالى أن يظلـّنا من الظلّ.. لا يضلــّنا من الضّلال..
وكذلك من الخطأ الجسيم أن نقول في سورة الفاتحة مثلا ولا الظـّالين عوضا عن الضـّالين فالضالين تعني التـّائهين ، والظـّالين تعني الجالسين في الظـّل؛ لأنّ الأولى من ضلّ والأخيرة من ظلّ .
ويوجد أمثلة كثيرة أيضا
ودائما للتــّفريق بين الضــّاد والظــّاء أحضـِر آيتان بهما الحرفان.. وحاول النـّطق بالشـّكل الصّحيح..
قال تعالى: " أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ{1} وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ{2} الذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ "
من ناحية النطق:
الضــّاد لا يخرج اللسان من الفم مخرجه من وسط اللسان.. ولا يخرج اللسان عند النــّطق بالحرف..
أما الظــّاء فمخرجه من طرف اللسان وعند النــّطق بالحرف فإنــّنا نضع طرف اللسان على الأسنان
والأمر يحتاج لمجرد تمرين..
وأكرر ما قلتـُه آنفا تلقـّي النـّطق بهما وبغيرهما من المتقنين
ومن الفرق بين (ض) و (ظ) فهو:
من حيث الاسم فــ (ض) اسمها الضّا د تنتهي بحرف الدّال ، و (ظ ) اسمها (الظـّاء)تنتهي بهمزة على السّطر .
أمـّا من حيث الرسم والإملاء _ فليس هناك قاعدة معتمدة تبيـّن الفرق بينهما ، بل يعتمد على الاطـّلاع وكثرة القراءة والكتابة والاستماع ،علما بأن هناك من حاول أن يجد قاعدة يبين الفرق ولكن هي أيضا تعتمد على القراءة الاطـّلاع ،ولا فائدة منها ..
ومـّما يعين الإخوة على الحاسوب الاعتماد على ذاكرة الحاسوب ونظام التـّدقيق اللغوي التـّلقائي فيه، أمـّا مَن ليس يملك حاسوبا فليعتمد - خصوصا إذا كان يكتب ما يـُملى عليه - على ذاكرته في التـّفريق بين الضـّاد القريبة من الدّال والظـّاء القريبة من الذال المفخـّمة .
والواقع أن الحاسوب قد سهَّل من مهمة الكاتب المعاصر في التـّفريق بين الظـّاء والضـّاد حيث يستطيع الكاتب بمجرد تحميل وتنصيب برنامج التـّدقيق اللغوي التـّلقائي في البرنامج العربي " وندوز " أن ينتبه إلى الخطأ حيث يتولـّى الحاسوب وضع خط أحمر رقيق متموّج تحت الكلمة الخطأ . فلو كتبت كلمات من قبيل : عضم /غليض / ضهر / لظهر تحتها خط أحمر يزول بمجرد تصحيحها إلى : عظم / غليظ / ظهر / .ولو كتبت كلمة ظابط /ظبع / بيظة / رياظة لظهر الخط الأحمر أيضا وكان لزاما علينا تصحيح الكلمة إلى : ضابط / ضبع / بيضة / رياضة.
ولكن هناك كلمات قليلة متماثلة في العربية وتكتب حينا بالضّاد فتعطي معنى معينا نحو ضل بمعنى ضاع ، وتكتب حينا آخر بالظـّاء فتكون صحيحة لغة ولكنـّها تعطي معنى مختلفا نحو : ظلّ بمعنى بقي و الكلمات التي من هذا الغرار لا يساعدنا نظام التـّدقيق الإملائي التـّلقائي في الحاسوب على تمييزها لأنّ الخط الأحمر لا يظهر عند كتابتها بالضـّاد أو بالظاء فكلاهما صحيح غير أنّ هذه الكلمات قليلة العدد ويمكن حفظها على ظهر قلب وهذه بعض الأمثلة عليها:
ظل بمعنى بقي والظـّل بمعنى الفيء
ضل بمعنى ضاع
حظ بمعنى نصيب ، حضَّ بمعنى حثَّ وحرَّض
غيظ بمعنى غضب ، غـِيض بمعنى غار واختفى الماء في الأرض
ظن بمعنى اعتقد ، ضن بمعنى بَخِلَ
النــّظر بمعنى الرؤية ، النـّضر بمعنى الحسن الهيئة
حضر عكس غاب ، حظر بمعنى منع .
فظ بمعنى أخرق وغليظ الطبع، وفضَّ بمعنى فكـّك وفتح .
الفظـّة بمعنى المرأة الخرقاء وغليظة الطبع ، والفـِضة بمعنى المعدن المعروف .
ظفر بمعنى ظفر الإصبع ، وظفر بمعنى انتصر،
وضفر بمعنى ضفر الشّعر على هيئة ضفيرة وضفر الحبل.
فعلى القارئ الكريم أن يبذل جهداً في إخراج هذا الحرف والنطق به نطقاً صحيحاً ما استطاع إلى ذلك سبيلاً,وأن يتلقى النـّطق به مشافهة ممن يُحسن النطق به .
وأخيرا أتمنـّى أن أكون قد وفـّقتُ في نقلي وتعليقي البسيط .
والله أسأل أن يجعلنا أجمعين من حفظة كتابه والـرّافعين لرايته والمتسـّكين بهديه والعاملين به والمتخلـّقين بأخلاقه لنفوز في الدّارين
وصلِّ اللهمّ وسلـّم على إمام المجاهدين وقائد الغرّ المحجـّلين وعلى آله وصحبه أجمعين
كتبه: محبّ رؤية الرحمن