تقاليع الموضة .. وأبناء ينشدون الغرابة
تستفز سلوكات الأبناء ,وتقليدهم لتقاليع الموضة من اكسسوارات وملابس وشعر كثيرا من الأسر التي تعاني كثيرا من تمرد أبنائها على ما الفه الآباء والامهات من قيم وعادات اجتماعية .
وتأخذ سلوكات الابناء منحى متطرفا احيانا بمتابعة تقليعات جديدة شاذة في الملابس وقصات الشعر بما يعنيه ذلك من تكلفة مالية عالية ,وغرائبية تحتاج لوقت حتى يألفها المجتمع.
ويؤكد الدكتور منذر زيتون مستشار وزيرة التربية الاجتماعية لشؤون التوعية بأن كثيرا من الشباب اليوم يعيشون مأسورين في دائرتي الفراغ والوهم , مما يدفعهم حقيقة الى سلوك طرق غريبة للتعبير عن انفسهم , والاحتفاء بأشكالهم حتى ولو كان ذلك على حساب قيمهم وثقافتهم , فالفراغ ناتج من اصرار البعض على فصل الشباب عن واقعهم وتحويل اهتماماتهم بعيدا عن حال امتهم وقضاياهم , بتحييدهم عن واجباتهم تارة , وتخويفهم من الزج بأنفسهم في الشأن العام تارة اخرى , اما الوهم فيعود الى بعض الدعوات التي تمليها بعض وسائل الاعلام والتي تركز على اهمية الظهور الشخصي والتحصيل المادي فقط.
وتعتبر سامية عطعوط -أم لثلاثة ابناء- أن « بعض السلوكيات الغريبة لدى ابنائنا تكون عابرة ومرتبطة بظرف معين , وعند البعض الاخر تصبح هذه السلوكيات متكررة وسمة غالبة على الشخص, وتتحول الى ما يشبه الادمان , وهنا تكمن خطورتها لان الشباب يستهلك طاقاته وتفكيره باحثا عن الغرابة والشذوذ».
اما لؤي عوني (19 عاما) فيقول « تستهويني كثيرا التقليعات الغريبة , سواء في قصات الشعر او الملابس , واعمل على تقليدها , لانها تميزني عن باقي الشباب , واعتبر هذا الشئ حرية شخصية وتعبير عن ذاتي , حتى وإن لم يعجب ذلك الاخرين ويعتبرونه غريبا».
ويؤكد د .زيتون ان التعبير عن النفس حق لكل انسان , بل ان هذا التعبير يميز بين الانسان الحي في شعوره وبين الانسان اللاأبالي , ولكن يجب ان تكون طرق التعبير لائقة , بما لا يضاد الاخلاق القويمة , وبما يراعي ثقافة المجتمع وقيمه , لان الخروج عن ذلك يعني الرفض والنبذ , وهو مطلقا ما لا يرغبه احد منا.
ويرى ابو طارق (45 عاما) بأن هناك فرق بين الذوق الخاص والذوق العام ويقول « اعتقد ان ما نراه احيانا في بعض الاماكن العامة والشوارع يتعدى حدود الادب وبعيد كل البعد عن عاداتنا وقيمنا , وبرأيي ان بعض الشباب يريد ان يكسر كل شيء من قيم واخلاق ليتماشى مع ما يراه من تقاليد غريبة وطائشة».
ولعل من اسباب لجوء بعض الشباب للتقاليع الغريبة كما يوضحها الدكتور مجد الدين خمش استاذ علم الاجتماع ودراسات المجتمع الاردني في الجامعة الاردنية هو تزايد اعداد السكان وما يخلقه من ازدحام في المناطق السكنية والمدن , وتعقيد الحياة اليومية , ووجود الفراغ الفكري عند الشباب حيث انهم لا يقرأون ولا يثقفون ولا يتحصلون على مفاهيم وتفسيرات تساعدهم في الاتجاه الصحيح , بالاضافة الى التباعد بين الاباء والابناء من الشباب .
وتؤكد هدى قاسم بأنها « كثيرا ما تفشل في التعامل مع ابنائها , حيث تقسو عليهم وتطالبهم بتغيير بعض السلوكيات الغريبة دون ان تتفهم احتياجاتهم او مناقشتهم , وغالبا يصل الامر الى عناد اولادي وتأتي النتيجة عكسية «.
ويحذر الدكتور زيتون الشباب من الانجراف نحو دعوات غريبة , واتباع الوسائل الشاذة للتعبير عن الذات , وتفريغها فيما لا قيمة له مثل ما يسمى بظاهرة «الايمو» , ومظاهرها التي تقوم على تقديس الدماء واستحلال المحرمات ,
ويناشد زيتون اولياء الامور والمربين والمعلمين ان يربوا الشباب على الضوابط القويمة , وان يوجهوهم نحو الطرق الصحيحة لتفريغ طاقاتهم فيما يفيدهم ويفيد وطنهم.
اما الدكتور خمش فيؤكد على ضرورة ان لا نأخذ موقف الشجب والادانة في تعاملنا مع الشباب , وان نترجم هذه المسلكيات لديهم ترجمة اجتماعية صحيحة , ونتقبل الشباب ونتفهم حاجاتهم باحترام , وان يكون هناك برامج ونشاطات لادماجهم في المجتمع وتشغيلهم في نشاطات مفيدة .